تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح لمعة الاعتقاد
219149 مشاهدة
مسألة قِدَم كلام الله وأن القرآن كلام الله

قال المؤلف رحمه الله تعالى: فصل في كلام الله عز وجل:
ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم يسمعه منه من شاء من خلقه؛ سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة؛ وسمعه جبريل عليه السلام ومن أذن له من ملائكته ورسله؛ وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه ويأذن لهم فيزورونه قال الله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا وقال سبحانه: يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي وقال سبحانه: مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وقال سبحانه: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وقال تعالى: فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ وقال سبحانه: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وغير جائز أن يقول هذا إلا الله.
وقال: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء؛ وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عبد الله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يحشر الخلائق يوم القيامة حفاة عراة فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان رواه الأئمة واستشهد به البخاري .
وفي بعض الآثار أن موسى عليه السلام ليلة رأى النار فهالته ففزع منها فناداه ربه يا موسى فأجاب سريعًا؛ استئناسًا بالصوت فقال: لبيك لبيك أسمع صوتك ولا أرى مكانك؛ فأين أنت؟ فقال: أنا فوقك وأمامك وعن يمينك وعن شمالك؛ فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى؛ قال: كذلك أنت يا إلهي، أفكلامك أسمع أم كلام رسولك؟ قال: بل كلامي يا موسى .
فصل في صفة القرآن الكريم.
ومن كلام الله تعالى القرآن العظيم؛ وهو كتاب الله المبين وحبله المتين وصراطه المستقيم وتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين بلسان عربي مبين؛ منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود؛ وهو سور محكمات وآيات بينات وحروف وكلمات من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات؛ له أول وآخر وأجزاء وأبعاض؛ متلو بالألسنة محفوظ في الصدور مسموع بالآذان مكتوب في المصاحف فيه محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ وخاص وعام وأمر ونهي.
لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وقال بعضهم إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ فقال الله: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وقال بعضهم: هو شعر فقال الله: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ فلما نفى الله أنه شعر وأثبته قرآنا لم يبق شبهة لذي لب في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو حروف وكلمات وآيات لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد إنه شعر.
وقال الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ولا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بمثل ما لا يدرى ما هو ولا يعقل وقال الله تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي فأثبت أن القرآن هو الآيات التي تتلى عليهم، وقال تعالى: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ .
وقال: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ بعد أن أقسم على ذلك وقال تعالى : كهيعص وقال تعالى: حم عسق وافتتح تسعا وعشرين سورة بالحروف المقطعة وقال النبي: صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة حديث صحيح.
وقال: عليه السلام: اقرءوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمون حروفه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم يتعجلون آخره ولا يتعجلونه وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه.
وقال علي رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله؛ واتفق المسلمون على عد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف .


السلام عليكم ورحمة الله، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ذكر أن من صفات الله تعالى أنه متكلم، وأنه يتكلم إذا شاء، وأن كلام الله تعالى قديم.
مسألة الكلام من أقدم ما حدث، ومن أقدم ما تكلم به أو فيه المبتدعة، فأنكروا أن يكون الله تعالى متكلما؛ فعند ذلك جادلهم أهل السنة وبينوا لهم أن الله تعالى متكلم؛ وأن الكلام صفة كمال لا صفة نقص.
خيل إليهم أن الكلام إنما يصدر من الجسم اللسان والشفتين والحنجرة واللهوات كما يحصل في المخلوق، وظنوا أنهم إذا أثبتوا لله ذلك لزم أن يكون الله شبيها بالمخلوقين؛ فعند ذلك عاندوا ونفوا أن يكون الله تعالى متكلما، ونفوا وأنكروا أن الله تعالى كلم موسى .